من فضائل الذكر الجزء الثاني





من فضائل الذكر { الجزء الثاني }
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* وعن ابى هُريرَة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صَلي الله عَليه وسلم : (( إن لله ملائكة يطوفون , يلتمسون أهل الذكر , فإذا وجدوا قوما يذكرون , الله تَنَادوا هَاُموا إلى حاجتكم قال : (( فيَحُفُّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ـ فيسألهم ربهم ـ وهو أعلم بهم ـ ما يقول عبادى ؟ فيقولون يسبحونك ويُكبِّرونك ويحمَدونك ويُمجِّدونك. فيقول: ((هل رأونى فيقولون :لا والله ما رأوك )) فيقول : ((كيف لو راأوٍنى)) فيقولون : (( لو رأوك كانوٍا أشدَّ لك عبادة , و أشدَّ تمجيداَ , وأكثر تسبيحاًَ)) , فيقول : (( فما يسألوننى ؟ فيقولون يسألونك الجنة )) ـ فيقول (( وهل رأوها ؟ فيقلون : (( لا والله يارب ما رأوها )) . فيقول : ((وكيف لو أنهم لاأوها ؟)) فيقلون : ((لو أنهم رأوها كانو أشدَّ علها حرصا , وأشدَّ لها طلباً , وأعظمَ فيها رغبة ـ قال : (( فمم يتعوذون )) فيقلون : (( من النار )) ـ فيقول الله : ((وهل رأوها ؟)) فيقلون (( لا والله ما رأوها)) كيف ولو رأوها ؟ فيقولون (( لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرلراً و أشدَّ لها مخافة )) ـ فيقول : (( أشهدُكم بأنى قد غفرتُ لهم )) فيقول ملك من الملائكة : (( فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة )) . فيقول : (( هم القومُ لا يشقى بهم جليس )) {1}.
وبذلك ينال الذَّاكر مغفرة الله ورضاه , كما قال الله سبحانه وتعالى { وَالذَّاكِرِِين الله كَثِيراً والذَّاكِرِاَتِ أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} {2}
* فاعلم يا أخى وفقنى الله وإِياك لما يحبه ويرضياه أنه كاما ارتكب العبد ذنباً نَكَتَتْ نكتةُ سوداء فى قلبه, فإِن تاب واستغفر صًقُل قلبه منها , وإِذا زادت حتى تعلوا قلبه فذلكم الرّن الذى قال الله فيه :{كًلاَّ بَلْ رَانَ عَلَي قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسبُِونَ }{3}.
و إن علاجه فى ذكر الله . قال صَلي الله عَليه وسلم : ((إن القلوبَ لتصدأ كما يصدأ الحديد وإنَّ جَلاءَها ذكر الله)) {4}.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , عن النبى صَلى الله عَليه وسلم أنه يقول: (( إنَّ لكل شئ صِقالَة , وصِقالةَ القلبٍ ذكرُ الله )) {5} . فان الشيطان مع الإنسان لا يفارقه , يمنعه , من الحلال و يحمله على الحرام , ويصدهَّ عن الطاعات , ويأِمره بالمعصيه قال تعالي :{وَمَن يَعْش عَن ذِكْرِ الرَّحْمَن نُقّيِض لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }{6} .
والشيطان جاثم على القلوب لا يكف عن الوسوسة إِلا إِذا ذكر الله تعالى , فإِنه يَخْنَسُ ـ أى يختفى وإِذا غفل عن الذكر عاد مرة أخرى يزاول وظيفته وإذا أكل ولم يُسَمََّ الله أكل معه . فإِذا ذكر الله تقيأ ما أكل . فمن كان من ِأهل الذكر فلا تسلط للشيطان عليه. قال تعالى{إَنَّ عِبِادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهمْ سُلطَانٌ}{7}.
ومن هنا يتبين لنا طريق المداومة على الطاعة , ليس بركعات يؤديها , أوصيام يصومه كل عام , أو حج أو عمرة يعتمرها , وإنما يكون عن طريق الأمور اللازمة التى تخلل حياة المسلم من مأكل ومشرب وملبس وتزين ونوم ويقظة , إلى غير ذلك مما يرتبط بأحوال , وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالإكثار من الذكر فقال تعالى مخاطبا إياهم {ياَ أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا اذْكُروا الله ذِكْراً كَثيِراً}{8}.
كما وعد الله الذاكرين كثيراً والذكرات بالمغفرة والاجر العظيم قال سبحانه وتعالى:{ و الذَّاكِرِينَ الله كَثِيراً واَلذَّاكِراَت أَعَدَّ الله لهم مَّغْفِرَةُ وَأَجْراً عَظِيماً }{9}
كما قرن الله الذكر الكثير بالسعى فى الارض و الابتغاء من فضل الله . فقال تعالى : {فَإِذَا قُضيتِ الصَّلاةُ فَانتَشرُوا فى الأَرْضِو و اَبْتَغُوا مِن فَضْل الله وَ اذْكُرُوا الله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ }{10}.
إعلاًما بأن ذكر الله مأمور به فى سائر الأحوال وفى خصوص الصلاة .
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلى الله عَليه وسلم : ((ما عَملَ آدمى عملاً أنْجَى له منِ العذاب منِ ذكر الله تعالى )) . قيل : ولا الجهادُ فى سبيل الله)) إِلا أن يضربَ بسيفه حتى ينقطع )) {11}
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صَلي الله عَليه وسلم : ((من عجز منكم عن الليل أ يُكابدَهُ , وبَخلِ بالمال أن ينفقه , وجبن عن العدو أن يجاهده , فَلْيُكْثرَ ذكرَ الله )) {12}.
فا الإسلام الحقيقي الذى يُظل الإنسان فى حله وترحاله وقيامه وقعوده , وفى كل حركة من حركات حياته , وهو الذى يكون بذكر الله ودعائه الذى لا ينقطع , وأن يكون قلبُه حاضراً ولسانه رطباً , وإذا أكل , أو شرب, أو لبس , أو تزين , او نام , أو أستيقظ , أو ركب , أو مشى إلى غير ذلك و بذلك يكون العبد فى كل لحظة فى ذكر الله سبحانه وتعالى . وتؤدى أولاً ما فرضه الله عليك لقوله سبحانه وتعالى : (( وما تقرب إِلى عبدى بشئ أحب أِلى ما افترضته عليه * ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه )) . فإِذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولئن سألنى لأعينه ـ ولئن أستعاذنى لأعيذنه{13}. فاعلم يا أخى فى الله أن الله سبحانه وتعالى فرض علينا فرائض وكلفنا بتكاليف و وجبات هى أساس هذا الدين العظيم و بناؤه لقوله صَلى الله عَليه وسلم بنى الإِسلام على خمس {14} فكن حريصا يا أخى على الأركان الخمسة والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صَلى الله عَليه وسلم ثم احرص أن تكون فى معيه الله سبحانه وتعالى فى كل حركة ونفس .
كما سيأتى فى الجزء القادم بإذن الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{1}- أ[صحيح] البخاري (6408) , ومسلم (25/2689) {2}- الحزاب : (35). {3}- المطففين: (14) .
{4}- الضعفاء الكببير لابن عدى (1/258) , وابن حجر فى ((لسان الميزان)) (6/576).
{5}- أورده المنذى فى (( الترغيب والترهيب))(2/315) : حديث (2234) وقال :رواه ابن أبى الدنيا – والبيهقي ,واورده التبريزى فى ((مشاكاة المصابيح (2286) ,والمتقى الهندى فى ((كنز العمال)) (1777).
{6}- الحرف : (36). {7}- الحجر : (42). {8}- الاحزاب (41) . {9} الاحزاب : (35) .
{10}- الجمعة : (10) . {11}- [صحيح]الطبرانى فى الصغير (1/77)
{12}- أأورده العيثمى فى ((مجمع الزوائد))(10/74), والمنذرى فى(( الترغيب والترهيب))(2/315): حديث (2236) وقال رواه الطبرانى و البزار , واللفظ له , وفى سنده أبو يحيى القتان . وبقيته محتج بهم فى الصحيح , ورواه البيهقى من طريقه أيضاً
{13}- [صحي] البخارى (6502) ,وأحمد فى ((مسنده )) (6/256).
{14}- [صحيح] البخارى (8) , ومسلم (19ـ22/16).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصه من اجمل ما يمكون

خمسون دعاء في ليله القدر والعشر الاواخر من رمضان

الله ما استجب